مع الاعتداء الارهابي على النقطة الامنية العسكرية الاردنية في معبر "الرقبان"على الحدود الاردنية السورية، يكون الاردن قد دخل بصور مباشرة في دائرة المواجهة المفتوحة مع التنظيمات الارهابية. لهذا قد يكون من الطبيعي ان تأخذ المواجهة القادمة بعداً اكبر نظراً للتداعيات الطبيعية لعمليات اجتثاث التنظيم الرئيسي في المنطقة "داعش" من سوريا و العراق، الامر الذي قد يدفع التنظيم و حلفاءه نحو السعي المباشر لاحداث خرق في مناطق حدودية جديدة يتم عبرها توسيع رقعة المواجهة من جهة, و من جهة أخرى تشكل ملجأً للهروب من الضربات المباشرة في مناطق التنظيم الرئيسية.
من زاوية أخرى، تسعى التنظيمات الارهابية الى انتهاج استراتيجية الضربات المفاجئة في مناطق متعددة و جديدة و هو امر يتوقع ان يتزامن مع اشتداد الضربات على التنظيم في الرقة و الموصل و اقتراب انحسار تواجد داعش في هذه المناطق. الهدف من هذه العمليات قد يكون ايضاً تشتيت انتباه التحالف الدولي عن ترتيبات أخرى يقوم بها التنظيم للانتقال الى "الخطة ب" و التي تتضمن الانتقال الي اماكن جديدة تواكبها عملية استخدام لعاملي "الصدمة و الرعب" في اماكن متعددة و متباعدة.
بالعودة الى الاردن، ان الهجوم المباشر الذي تعرض له افراد المؤسسة الامنية و العسكرية الاردنية يعني باختصار ان الاردن اصبح في مرمى المواجهة المباشرة و التي لا بد من التكييف معها اردنيا عبر احداث تغيير جذري في شكل التعاطي مع الازمة السورية و العراقية سياسياً و أمنياً، على الصعيدين الدولي و الاقليمي.
اعلان الحرب المفتوحة يعني ان الامور لم و لن تقتصر على فكرة الاستهداف الحدودي بل قد تنتقل ايضاً الى تبنى تكتيكات استهداف الحياة المدنية و تفاصيلها، خصوصاً ان العمليات التي استهدفت الاردن الى اليوم هي عمليات استهدفت في جوهرها اماكن و افراد المؤسسة الامنية و العسكرية.
المرحلة القادمة في المواجهة هي مرحلة لا يمكن الركون بها الى عوامل تفتفقد لرؤية الاستراتيجية الواضحة و التخطيط العلمي السليم. فالتحديات القادمة بحاجة الى مهنية عالية و استيعاب شكل الاخطار القادمة و التحولات في شكل العمل الارهابي و طبيعته، مما يتطلب حالة عالية من الالتزام و جدية كبيرة في التعاطي مع عملية حفظ الامن "سيطرة، متابعة، تدخل سريع". تتزامن هذه العملية مع ضرورة تقديم خطاب اعلامي ذكي يستطيع ان يجعل من نفسه مصدراً أساسياً للمعلومة و يتمتع بمصداقية تؤهله ان يكون قناة الخطاب الوحيد و الرسمي للمجتمع، و يستطيع ان يقوم بعملية تعبئة معنوية حقيقية بعيداً عن الغوغائية و التخبط الذي عادةً ما تكون نتائجه عكسية و يكون سبباً أساسياً للنفور و مثالاً لغياب المهنية و المصداقية و الاستخفاف بالعقول.
باختصار بعيداً عن تفاصيل عملية"الرقبان" الارهابية التي تبدو حيثياتها أكثر تعقيداً من اي محاولة سابقة استطاعت الاجهزة الامنية ابطالها و التعامل معها حتى دون اعلان، لكنها تمثل للاسف نموذجاً للخرق الامني الذي لابد ان يتم معالجته و معالجة اي احتمالية لهجمات أخرى وهذا ممكن ان يتم ايضاً عبر تطبيق سيناريوهات افتراضية مبنية على دراسات لشكل التحول الارهابي و العقليات الجديدة التي تتسيد التنظيمات الارهابية الرئيسية و تفريخاتها المتعددة.
د.عامر السبايلة