هذه الصدمة التي يشهدها العالم اليوم تشابه في طبيعتها صدمتي الحربين العالمتين. واذا اتفقنا ان العالم بعد انتشار فايروس كورونا لن يكون كما كان قبل أزمة الفايروس، لكن يبقى السؤال الأبرز ، هل يمكن لاحد اليوم ان ينجو من زلزال كرورنا وهزاته الارتدادية؟
العالم الذي انهى عصر الايدولوجية يستعد بعد أكثر من مئة عام على نهاية الحرب العالمية الأولى لإعادة صياغة تركيبته وفقاً لمنطق جديد يأخذ من البراغماتية الاقتصادية أساساً ومن الفردية طابعاً. هذا التصور يمكن ان يقودنا لاستشراف ان تأثيرات التغييرات القادمة لابد ان تطال كافة تركيبات الحقبة السابقة، الاقتصاد النيولبرالي الحاكم وحتى السلطات الدينية ودورها السياسي والمجتمعي لهذا قد يكون من الطبيعي ان تظهر نتائج هذا الزلزال على شكل أزما تعصف بالتركيبات السياسية وشخصياتها، والمنظمات الدولية وطبيعة عملها وحتى الحدود الجغرافية وطبيعتها.
لهذا فان كانت الازمات الاقتصادية قد مهدت الطريق لقطيعة بين الحكومات وشعوبها، فان الازمات المجتمعية القادمة قد تكون أزمات مركبة وقادرة ان تحدث تغييرات سياسية سواء بالطرق التقليدية والممارسات الديمقراطية لهذا فانه يصعب تحديد حجم وقوة التسونامي القادم، فالانهيارات الاقتصادية التي قد تطال كافة الاعمال الحرة والخاصة وتدفع بخيار التأميم الذي سيواكبه بالضرورة العودة الى الاقتصادات الواقعية قد تكون احدى محركات التغيير القادم. لكن بلا شك ان ردود فعل بهذا الحجم قد تكون قادرة على احداث تغييرات جوهرية في البنى المجتمعية وقد تكون كثير من الأنظمة على موعد موجات غضب قادرة على اسقاطها، مع اشتداد موجات الفوضى المجتمعية وتعاظم عمل المجموعات الاناركية الناقمة والتي تجد ضالتها في مناخات الفوضى.
أزمة “الفايروس التاجي” استطاعت بلا شك أن تشل العالم وتعزز فكرة الانفصالية والفردية
لهذا وفي ظل المواجهة المفتوحة مع هذا الفيروس لابد من الاستعداد للانعكاسات السياسية والاقتصادية والمجتمعية والأمنية القادمة.
د.عامر السبايلة